متى يحاسب الانسان
تتسأل الناس متى يحاسب الانسان، ويعاقب ويثاب، يحاسب الانسان عند بلوغه عمر التكليف، فلا يكلف بالأوامر والنواهي حتى يبلغ، ويكون عمر التكليف بالبلوغ وحدوث تغيرات في الخصائص الجسدية، وبلوغ الذكور يكون عند عمر الخامسة عشر أو بالاحتلام، والإناث بلوغهم يكون بالحيض، أو بالنضج الجنسي والنمو ويكون في الثالثة عشر من عمرها، أما قبل ذلك فهم غير مكلفين بالأوامر والنواهي.
متى يحاسب الانسان
للإجابة عن متى يحاسب الانسان يجب معرفة متى يبلغ الانسان، لان الانسان قبل البلوغ غير مكلف ولا يحاسب، وتختلف علامات البلوغ من إنسان لأخر، يكون البلوغ عند الذكور بين عمر الثامنة وحتى الرابعة عشر عام،
أو بالاحتلام وإنبات شعر العانة، وتكون تلك المرحلة العمرية هي مرحلة المراهقة، أما البلوغ عند الإناث يكون بحدوث تغيرات جسدية،
وبدأ الحيض أي الدورة الشهرية، أما قبل ذلك العلامة فلا يحاسب الانسان ولا يعاقب، وذلك من رحمة الله سبحانه بالإنسان.
قد يمكنك معرف: تفسير اخر ايتين من سورة البقرة وفضلهما
الدليل الشرعي على عدم محاسبة الانسان قبل البلوغ
يوجد بعض الأدلة الشرعية في الإسلام على عدم محاسبة الانسان قبل البلوغ، ومن هذه الادلة ما يلي:
- عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبي حتى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ). “أخرجه الترمذي، صححه الألباني”.
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رُفِعَ القلَم ُعَن ثلاثةٍ عن النَّائمِ حتَّى يَستيقظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبُرَ، وعنِ المَجنونِ حتَّى يعقِلَ أو يفيقَ). “أخرجه النسائي، صححه الألباني”.
- اما حديث الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبعِ سنينَ، واضْرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشْرٍ)، إنما من باب التدريب على الصلاة والقيام بها عند البلوغ، ولا يحاسب عليها الانسان قبل ذلك.
قد يهمك معرفه: متى فرض الصيام على المسلمين
الأعمال التي يؤجر عليها الانسان قبل البلوغ
إن الانسان غير مكلف بالأوامر والنواهي قبل سن البلوغ، ولكنه يؤجر على الأعمال الصالحة قبل سن التكليف، فإن قام الإنسان بفريضة الحج قبل سن البلوغ تصح منه،
عَنِ ابنِ عباسٍ – رضي الله عنهما – أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا بالرَّوحاءِ فقال: «مَنِ القَومُ» قالوا: المسلمون، فقالوا: مَنْ أنت؟ قَالَ: «رسولُ اللهِ»، فرَفعتْ إِليه امرأةٌ صبيًّا فقالتْ: ألهذا حجٌ! قال: «نَعمْ ولك أجرٌ» رواه مسلم.
ففي ذلك دليل على أن الانسان يثاب على الطاعة، ويؤجر عليها، قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –:
قَالَ المؤلِّفُ – رحمه الله تعالى- فيما نقلَه عن عبدِ اللهِ بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقِي ركبًا بالروحاء، و «الروحاء» مكان بين مكة والمدينة،
وكان هذا في حجة الوداع، فقال لهم: «من القوم؟» قالوا: المسلمون، فقالوا: فمَنْ أنت؟ قال: «أنا رسول الله» فرفعت إليه امرأة صبيًّا فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم ولك أجرٌ»
ففي هذا الحديث من الفوائد ما ساقه المؤلف من أجله، وهو أن من أعان شخصًا على طاعة فله أجر؛ لأن هذه المرأة سوف تقوم برعاية ولدها إذا أحرم، وفي الطواف، وفي السعي، وفي الوقوف، وكل شيء، قال: له حج ولكِ أجر.
وقال ابن رشيد: “إن الصغير لا تكتب عليه السيئات وتكتب له الحسنات على الصحيح من الأقوال”.
وقد قال ابن عبد البر في التمهيد في شرح أول حديث منه وهو حديث الخثعمية: حدثنا عبد الواحد بن سفيان قراءة مني عليه أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الواحد البزار قال:
حدثنا علي بن المديني قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا يحيى البكاء عن أبي العالية الرياحي قال: قال عمر بن الخطاب: يكتب للصغير حسناته ولا تكتب عليه سيئاته.
شاهد أيضا: متى يموت الانسان وهو على قيد الحياة
أول ما يحاسب عليه الانسان
أن أول ما يحاسب عليه الانسان حقوق الله عز وجل، وهناك أدلة كثيرة على محاسبة العبد على حقوق الله، ومن هذه الادلة ما يلي:
روى أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (465) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ)، وصححه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي “.
ولفظ أبي داود:
(إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ)، قَالَ: (يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟ فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة، وهذا بالنسبة لحق الله عز وجل، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإلا فعلى العكس خاب وخسر والعياذ بالله. أما بالنسبة لحقوق الآدميين: فأول ما يقضى بين الناس في الدماء؛ لأنها أعظم الحقوق ” انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (5/103).