قصة سيدنا يونس كاملة
منذ نزول الإنسان على الأرض وتحمله للأمانة بعث الله تعالى العديد من الأنباء والرسل لهداية الناس إلى الدين الحق والصراط المستقيم وليعد الله الإنسان بجنات الخلد عند اتباعه مرسليه إلى الأرض والاقتداء بهم. ومن بين الأنبياء الكثر الذين مروا عبر عصور نذكر النبي يونس عليه السلام، وهو نبي ارتبط اسمه بالحوت. فيما يلي سوف يعرض محيط قصة سيدنا يونس كاملة.
الإطار الزماني والمكاني لقصة سيدنا يونس
وقعت قصة سيدنا يونس عليه السلام في حوالي القرن السابع قبل الميلاد وذلك قبل اليهودية والمسيحية والإسلام، وقد ذكرت قصته في الكتب السماوية الثلاث ونعني بذلك التوراة والإنجيل والقرآن. وسيدنا يونس أو ذو النون كما يطلق عليه، نسبة إلى الحوت الذي ابتلعه، بعث لهداية قوم نينوى في العراق. والنبي يونس هو من نسل بنيامين ابن النبي يعقوب واسمه الكامل يونس ابن متى نسبة إلى والدته وهو من الأنبياء القلائل الذين نسبوا إلى أمهاتهم. سنتناول فيم يلي أحداث قصة سيدنا يونس كاملة.
أحداث قصة سيدنا يونس كاملة
سيدنا يونس -عليه السلام-بعث من الله تعالى إلى قوم أسرفوا في الشرك بالله وعمدوا إلى عبادة الأصنام وكانت أكبر آلهتهم تلقب بعشتار. وكان قوم يونس شديدو التمسك بدينهم الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم فعمدوا على تكفير يونس وتكذيبه والسخرية منه وقد عمل نبي الله في إبلاغ رسالات ربه وعلى أنه لا يوجد سوى خالق والاه واحد لهذا الكون دون جدوى. ويحكى أن النبي يونس بقي على هذا الحال أكثر من ثلاثين سنة يحاول اقناع الناس للعدول عن عبادة الأصنام فآمن معه جمع قليل جدا من قومه دونا عن الأخرين الذين قد ذكر عددهم في القرآن بأزيد من 100 ألف شخص.
وبعد مرور هذه الفترة دون تحقيق مبتغاه شعر يأس سيدنا يوسف وأنه مهما قال وفعل لقومه ليثبت لهم صحة كلامه قابلوه بالرفض والتكذيب. قرر سيدنا يونس حينها ترك أهله وبلاده والخروج منها. حين مغادرة سيدنا يونس لقومه كان يظن أنه عمل ما في وسعه وقومه لم يستجيبوا فإن الله سبحانه وتعالى سيقدر له موقفه ولن يؤاخذه.
سريعا بدأت بوادر عذاب الله الذي توعدهم به تظهر على قوم يونس بعد أن خرج من عندهم فتجمعت السحب السوداء على سمائهم وغشي دخانها الشمس والنور واسودت الدنيا فحينها أيقنوا صدق قول يونس عليه السلام وصدق وعد الله لهم بالعذاب إن لم يكتفوا عن الشرك به فدب في قلوبهم الخوف والرعب وأخذوا يبحثون عن يونس، بغرض دلهم على الصواب وهدايتهم، في كل مكان دون أن تكلل جهودهم بلقائه. فوجدوا شيخا كبيرا في طريقهم للبحث وأخذو يسألونه عن الذي يجب القيام به فأخذ الشيخ يشرح لهم طريق التوبة والتذرع إلى الله حتى يقيهم من عذابه العظيم. فاجتمع حشد قوم نينوى بمنطقة الموصل في العراق من كبار وصغار وذكور واناث وشيوخ وعواجز وحتى حيواناتهم اجتمعت معهم في مشهد عظيم لم يسبق رؤيته في قوم يونس وقد كسوت رؤوسهم رمادا أسودا ولبسوا أقل ملابسهم غنى وبهرجة تواضع بين يدي الرحمان طالبين من الله السماح والمغفرة وطالبين أن يتوب عنهم ويجيرهم من العذاب المنتظر في حقهم فتاب الله الغفور العظيم عنهم بعد كفرهم الطاغي وكان كل ذلك بعيدا عن مرأى ومسمع من نبي الله يونس.
في ذلك الحين وبعد خروجه من قومه وجد سيدنا يونس قوما يهمون بركوب سفنهم والانطلاق في البحر فركب مع بعض القوم سفينتهم وأبحر معه، وبعد مدة من الإبحار في عرض البحر أخذت السفينة تتمايل وتهتز تحت وقع عاصفة كأنها ستغرق ويغرق جميع من عليها ولم يكن لهم بد إلا بالتخلص من أحدهم ورميه ليخف الحمل عن السفينة وتكمل طريقها بأمان. ولكيلا يظلموا أحد اقترحوا القيام بقرعة لاختيار من سيلقي بنفسه في البحر فكان نصيب يونس عليه السلام أن يلقى من السفينة. لكن القوم رأوا في يونس الصلاح والطيبة فلم يرو سداد فكرة أن يلقى نفسه فأعادوا القرعة مرتين فثلاث فلم يجد سيدنا يونس بدا إلا برمي نفسه في عرض البحر فألقى بنفسه موقنا أن الله سوف ينجيه من الغرق. وفعلا في لحظة القائه بنفسه في الماء جاء حوت ضخم والتقفه وكان هذا الحوت مبعوثا من الله إليه.
حين كان نبي الله في بطن الحوت ظن أن أجله في الحياة قد انتهى وأنه قد انتقل إلى رحمة ربه لكنه سرعان ما أدرك أنه يستطيع تحريك يديه ورجليه فقام وخر ساجدا لله تعالى شكرا له بنجاته من الغرق دون أن يصبه شيء سيء. وقد بقي سيدنا يونس على هذه الحال لثلاث أيام داخل بطن الحوت. وكان النبي يونس خلال هذه المدة يسمع أصوات غريبة لم يفهم معناها، فأوحى له الله رحمة منه أن الأصوات ماهي إلا تسبيح من الكائنات التي تعيش في البحر فأخذ يسبح الله هو كذلك بتسبيح ذكر في سورة الأنبياء الآية 87 فأمر الله الحوت أن يخرج يونس ويقذفه على الأرض في الغراء، ففعل الحوت ذلك بأمر ربه، فأنبت الله جانبه شجرة اليقين لتكون أوراقها الكبيرة ضل له وفاكهتها طعامه حتى ينجو.
حينما استعاد سيدنا يونس صحته رجع إلى قومه فوجدهم وقد انقلبت أحوالهم وأصبحوا من المؤمنين، فبقي معهم زمنا وهم على صلاح الحال والتقوى. لكنهم بعد مرور زمن عادوا إلى عبادتهم الأولى وظلوا مجددا فأنزل الله عليهم أشد عذاب فماتوا جميعا بعد أن تدمرت مدينتهم. ويقال إن النبي يونس قد توفي ودفن قبالة ساحل مدينة صيدا. وقد ذكرت قصة سيدنا يونس كاملة في القرآن في سورة الأنبياء وسورة يونس حيث أنه من بين الأنبياء الذين خصهم الله بالذكر في القرآن وسرد أحداث دعوته والذي حصل له وقومه.
العبرة من قصة سيدنا يونس
لكل قصة عبرة ورسالة للتعلم منها ولقصص الأنبياء والرسل نستخلص أهم العبر ومن أبرز ما يمكن أخذه عن النبي يونس:
1- الصبر والحلم فهو مفتاح للمشكلات وفرج من الله وهو وسيلة تحقق الهدف الذي طال انتظاره ولتوصيل رسالة الله يجب التحلي بالصبر فالمتلقي يخاف من التغيير والخروج من دائرة الثبات التي وضعها لنفسه فيجب على الداعية المحاولة والالحاح لتحقيق الدعوة.
2- التمسك بالتسبيح لله تعالى بنفس الصيغة المذكورة في سورة الأنبياء وذلك للتخلص من الهم. ففي هذه التسبيحة توحيد الله وتعظيمه.
3- مسك النفس عن الغضب فحين غادر يونس قومه كان ساخطا عليه وغاضبا من تأخر وقوع عذاب الله فيهم، لكنه سبحانه كان له حكمة في ذلك وهو هداية القوم ذاتهم وليس غيرهم.
4- عدم الاستعجال فقد كان على سيدنا يونس عدم ترك دعوته والبقاء مع قومه ووعظهم لجاجا حتى يؤمنوا به وعدم التخلي عنهم لعدم إيمانهم به بسرعة.
قصة سيدنا يونس كاملة ذكرت في القرآن لأخذ العبر والتذكير برحمة الله تعالى بعباده وأنبيائه. فقوم يونس بعد كفرهم وتكذيبهم لرسالة الله لتوحيده وعدم الشرك به من خلال عبادة الأصنام أجارهم من عذابه حين أتوه متذرعين. وكذلك رحم الله بيونس بعد تخليه عن الدعوة المكلف به لجعل قومه يؤمنون بالله وذلك بأن نجاه أولا من الغرق، وثانيا من بطن الحوت حين قذفه على اليابسة لينبت اليقطين حتى لا يموت من الجفاف من أشعة الشمس والجوع وهو في أشد حالة ضعفه ليعود ويجد قومه من المؤمنين.