كبائر الذنوب | كيفية التوبة من الكبائر وعلامات قبولها
تعرف على كبائر الذنوب وعلى كيفية التوبة منها وعلى علامات قبولها عبر موقع محيط، حيث أن كبائر الذنوب تؤدي بفاعلها إلى النار وبئس المصير، وقد حذرنا منها رسولنا الكريم محمد (صلوات الله وسلامه عليه) ومن إرتكابها خوفا علينا من النار وسعيرها، والكبائر أشد وأعظم من صغائر الذنوب، ويكون لها حد في الحياة الدنيا وكذلك حساب في الآخرة، هذا إن لم يتب العبد منها، وفيما يلي سنتعرف على ما هي كبائر الذنوب وعلى كيفية التوبة منها وعلامات قبول تلك التوبة بالتفصيل.
كبائر الذنوب
الكبائر هي جمع كلمة كبيرة والتي تعني في اللغة العربية بمعنى الإثم، وتعني في الإصطلاح كل ما كان حراما محضا.
وقد نصت الدلائل القطعية من الآيات والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة على وجود عقوبة لتلك الكبائر في الحياة الدنيا والآخرة.
وقد عرف جمهور الفقهاء الكبائر بأنها كل ما يترتب على فعله حد، أو إقتضى وعيد شديد بعذاب النار أو يستدعي غضب الله جل وعلا أو لعنته.
فقد روى أبي هريرة (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال:
(اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ)
وفيما يلي بيان تفصيلي بكبائر الذنوب وشرحها:
الشرك بالله عز وجل
يعد الشرك بالله هو أعظم الكبائر وأكبرها، فهو أكبر إثم من الممكن أن يفعله المرء في الحياة الدنيا، والشرك بالله له نوعان وهما:
الشرك الأكبر: أن يعبد الإنسان غير الله الواحد الأحد ويجعل له ندا، بأن يعبد الشجر أو الحجر أو بعض أنواع الحيوانات أو النجوم أو غير ذلك.
وهو ما جاء في القرآن الكريم في سورة النساء، حيث قال الله سبحانه وتعالى:
(إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ)
وقال في سورة المائدة:
(إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)
الشرك الأصغر: ويعرف الشرك الأصغر بأنه الرياء في الأعمال، فلا يبتغي فاعل تلك الأعمال وجه الله تعالى، وإنما يبتغي بتلك الأعمال إعجاب الناس ومدحهم له.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة الكهف:
(فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)
لا تفوت فرصة التعرف على: السبع الموبقات والسبع المنجيات والفرق بينها وبين الكبائر
اعمال السحر
توجد الكثير من التعريفات التي يمكن أن يعرف بها السحر، وقد قال الإمام الشنقيطي أن السحر لا يمكن تعريفه بتعريف واحد يتضمن كافة أنواعه.
وقد قدم لنا ابن قدامة أشهر تعريفات السحر وعرفه بأنه عزائم وعقد ورقى تقوم بالتأثير في القلوب والأبدان، فيمكن أن يمرض ويقتل ويمكن أن يقوم بالتفريق بين الزوجين.
ويعد السحر تعلمه أيضا من الكفر بالله وأحد أنواع الشرك بالله جل وعلا، ومن أقر وإعترف بفلان بأنه ساحر وقادر على معرفة الغيب فإنه بذلك قد كفر بالله عز وجل.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
(وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)
قتل النفس بغير حق
يعد القتل كبيرة من الكبائر التي لها حد في الحياة الدنيا والآخرة، كما أنه جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة النساء:
(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)
وقد قامت كلا من النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بالترهيب من قتل النفس بغير الحق، فقد جعل الله سبحانه وتعالى تلك الكبيرة أول ما يقضي به بين الخلق يوم الحساب.
فقد روى البراء بن عازب أن رسول الله (صل الله عليه وسلم) قال:
(لَزوالُ الدُّنيا أَهْوَنُ على اللَّهِ مِن قتلِ مؤمنٍ بغيرِ حقٍّ)
لا تفوت فرصة التعرف على: اثار الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع
أكل الربا
يعرف الربا بأنه الزيادة عن أصل المال، حيث يتحقق الربا بما يفرضه صاحب المال المدين على الدائن بزيادة على مبلغ الدين الأصلي إن جاء موعد السداد ولم يسدده، فيقوم بإعطائه مهلة مقابل زيادة على المال الأصلي.
وقد حرمت الشريعة الإسلامية الربا لما به من إستغلال وعدم مراعاة ضيق الحال وظروف الأشخاص من حولنا، كما أنه لا يراعي المبادئ الأخلاقية والإجتماعية.
بالإضافة إلى أنه يعمل على شحن النفوس وسواد القلوب بين أفراد الأمة الإسلامية وبعضهم البعض، مما يؤثر بالسلب على كلا من الفرد والمجتمع.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة:
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ)
أكل مال اليتيم
يجب أن يكون الولي على مال اليتيم أمين عليه، وإن طمع به وأكل ذلك المال وإعتدى عليه، فقد إرتكب كبيرة من الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى ووقع بالإثم الكبير.
حيث قال تعالى في سورة النساء:
(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)
التولي يوم الزحف
التولي يوم الزحف هو التراجع والهروب عند إلتقاء جيوش المسلمين بجيوش الكفار في أرض المعركة عند الحروب والغزوات، وهو أحد الكبائر لأنه يقوم بالتسبب بضعف الجيش الإسلامي ووهنه.
بالإضافة إلى أن تراجع المسلمين من الجيش الإسلامي عند بدء المعركة يؤدي إلى قلة عدد أفراد الجيش مما يؤدي إلى هزيمة المسلمين وإنتصار الكفار.
لا تفوت فرصة التعرف على: أنواع النفس وتعريفها ومكوناتها
قذف المحصنات الغافلات
يعرف قذف المحصنات بأنه القيام بإتهام المؤمنات العفيفات بفعل الفواحش التي تقوم بفعلها النساء الفاجرات الباغيات، وهو يعد أحد أنواع الإعتداء على العرض.
فهو بذلك الفعل لا يقوم بضرر المرأة فقط، وإنما يتعدى أيضا على أهلها وعشيرتها ويقوم بضررهم، لذا جعلته الشريعة الإسلامية أحد الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى.
كيفية التوبة من الكبائر
يمكن تعريف التوبة بأنها الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وأيضا سلوك الطريق الذي أمرنا به الله عز وجل، وترك المعاصي والذنوب وإجتنابهم وفعل الأفعال المحمودة والإتصاف بالصفات الحميدة.
وتتحقق التوبة عند الرجوع إلى الله تعالى والإقلاع التام عن فعل الذنب والندم على فعله والإصرار على عدم الرجوع إليه مرة أخرى.
فمثلا تكون التوبة من الشرك بالله عن طريق قول الشهادتين وتوحيد الله سبحانه وتعالى والتقرب منه بفعل الطاعات وقراءة القرآن وما إلى ذلك من الأعمال الصالحة.
ويستحب أن يقوم المسلم التائب من ذنبٍ ما، سواء كان ذلك الذنب من الكبائر أم من الصغائر، بأداء صلاة التوبة، وتكون بأداء ركعتين بغرض التوبة من الذنب والرجوع إلى الله تعالى.
فقد قال الرسول (صل الله عليه وسلم):
(ما مِن عبدٍ مؤمنٍ يُذنِبُ ذَنبًا فيَتوضَّأُ فَيُحسِنُ الطُّهورَ، ثمَّ يصلِّي رَكْعتينِ فيستَغفرُ اللَّهَ تعالى إلَّا غَفرَ اللَّهُ لَهُ ثمَّ تلا وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)
ويجب على المسلم أن يسارع بالتوبة قبل زوال وقتها وغلق بابها، ويتحقق ذلك عند الموت أو عند طلوع الشمس من مغربها أو نزول العذاب.
ويجب العلم أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة منها والعودة إلى الله سبحانه وتعالى وإتباع أوامره وإجتناب نواهيه، وذلك بخلاف الصغائر التي تكفر بطرق متنوعة.
لا تفوت فرصة التعرف على: انواع الظلم وكيفية الرجوع عنه وعقابه بالدنيا والآخرة وأشهر أسبابه
علامات قبول التوبة من الكبائر
وعدنا الله عز وجل بأن يغفر الذنوب جميعا مهما عظمت وكانت من الكبائر، والدليل على ذلك من القرآن الكريم ما جاء في سورة الفرقان، حيث قال تعالى:
(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
وتتواجد بعض العلامات التي تدل على قبول التوبة من العبد، ومنها ما يلي:
- تحسن حال العبد التائب بعد توبته إلى الأفضل بشكل كبير وملحوظ.
- الخوف الدائم من الوقوع في الذنب ومعصية الله مرة أخرى.
- الشعور بالندم على الذنوب والآثام التي أرتكبت.
- الإنكسار التام بين يدي الله عز وجل والخشوع وطلب الرحمة منه.
- الإقلاع التام عن الذنوب والمعاصي وعدم العودة إليها مرة أخرى.
- الرغبة في التقرب من الله جل وعلا وحب كتابه الكريم ورسوله الأمين.
ويجب العلم أن الله عفو كريم يحب العفو ويعفو عن من يشاء من عباده، لذا يجب الإستغفار على ما قد تم فعله من الذنوب والمعاصي وطلب العفو والرحمة من الرحمن الرحيم جل جلاله وتقدست أسماؤه.
بذلك نكون قد تعرفنا على ما هي كبائر الذنوب وعلى كيفية التوبة من تلك الكبائر، كما تعرفنا على بعض العلامات التي تدل على قبول الله سبحانه وتعالى لتلك التوبة.