الاستعارة في اللغة العربية وأهم أركانها
يمكن تعريف الاستعارة على أنها تشبيه يتم حذف أحد طرفيه، وتعتبر من المجاز اللغوي، وحتى يمكن فهم الاستعارة لا بد من التفريق بينها وبين التشبيه، فالاستعارة يحذف منها أحد طرفي التشبيه سواء المشبه أو المشبه به، دون ذكر أداة التشبيه أو وجه الشبه، أما التشبيه فيتم فيه ذكر الطرفين المشبه والمشبه به.
معنى كلمة استعارة
في معجم اللغة العربية المعاصرة، نجد به أن استعارة هى: استعار يستعير استعر، إذن فهو مستعير، والمفعول هو مستعار، أي استعار كتابًا من صديقه تعني طلب من صديقه إعطائه إياه مقابل أن يرده مرة أخرى لديه.
أما الاسم المستعار فهو اسم يسمى به شخصًا ما غير اسمه الأصلي، وأيضًا الشعر المستعار هو شعر صناعي غير أصلي وغير حقيقي، ووجوه مستعارة تعني وجوه متنكرة.
وكلمة “استعارة” هي كلمة تستخدم للإشارة إلى عملية اقتراض شيء ما من شخص آخر لاستخدامه لفترة مؤقتة، ويتم إعادته بعد انتهاء المدة المحددة للاستخدام.
وتستخدم الاستعارة في العديد من المجالات مثل الأدب والفن والعلوم والتكنولوجيا وغيرها، حيث يتم استخدام مصطلح “استعارة” للإشارة إلى اقتراض أفكار أو مصطلحات أو أدوات أو أي شيء آخر للاستخدام في سياق معين، ويجب إعادتها بعد انتهاء الاستخدام.
وتستخدم كلمة “استعارة” أيضًا في اللغة العربية للإشارة إلى الشعر الذي يتم اقتباسه من شعراء آخرين للاستخدام في الشعر أو الأدب بصورة عامة.
ويمكن أن تكون الاستعارة أيضًا في شكل عبارات أو كلمات أو مصطلحات تُستخدم في سياقات مختلفة لتوضيح المعنى أو التعبير عن فكرة معينة.
اقرأ أيضا: الاساليب البلاغية وأهميتها باللغة العربية
ما هي أركان الاستعارة
يمكن توضيح أركان الاستعارة في النقاط التالية:
- المستعار منه والمقصود به المشبه به، أي المعنى الأصلي والأساسي، الذي وضعت الجملة من أصله.
- المستعار له ويقصد به المشبه، أي المعنى الفرعي الذي أخذ من المعنى الأصلي.
- المستعار ويقصد به اللفظ المنقول، أي وجه الشبه بين المستعار منه والمستعار له.
- القرينة أي المانع، الذي يمنع إرادة المعنى الأصلي أو الحقيقي.
ولتوضيح ذلك يمكن ذكر مثال كالآتي:
( قال الحجاج بإحدى خطبه: إني لأرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها)
- المستعار منه من هذه الجملة هو الثمار، فالمقصود هو إني لأرى رؤوسًا قد أينعت كالثمار وحان قطافها، ولكن نجد أن المشبه به قد حذف.
- المستعار له هو الرؤوس، وهذه يعني أن المشبه في الجملة قد ذكر.
- المستعار وهو الإيناع من أجل الاستعداد للقطف، والمقصود به موعد قطف الثمار حين تنضج، وموعد قطع الرؤوس في حال التمرد، فالهدف من الجملة هنا هو التهديد.
- القرينة في الجملة هى كلمة أينعت و كلمة قطافها، فهما دلالة على أن بالجملة استعارة، وليست على وجه الحقيقة، وذلك لأن الرؤوس لا تينع ولا تنضج ولا تقطف في الحقيقة.
اقرأ أيضا: من هو صاحب كتاب البيان والتبيين
ما هي أقسام الاستعارة
يمكن تقسيم الاستعارة إلى ثلاث أنواع هم:
الاستعارة التصريحية
- وهى نوع من الاستعارة يتم ذكر المشبه به فيها، ومثال على ذلك الآية الكريمة( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور).
- فقد تم ذكر المشبه به وهو الظلمات و النور، وقد حذف المشبه وهو الكفر والإيمان على نفس الترتيب، وبذلك فهى استعارة تصريحية.
- وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام كلمة “المكتب” بدلاً من “الحكومة”، لأن المكتب يمثل جزءًا من الحكومة.
- أو استخدام كلمة “المنزل” بدلاً من “الأسرة”، لأن المنزل يمثل مكان إقامة الأسرة.
- أو استخدام تعبير “المؤسسة العامة” بدلاً من “الدولة”، لأن المؤسسة العامة تمثل جزءًا من الدولة.
- وتستخدم الاستعارة التصريحية في اللغة العربية واللغات الأخرى في الأدب والخطابة والإعلام والحياة اليومية.
- وتساعد على التعبير بشكل أكثر دقة ووضوح عن المفاهيم والأفكار والمعاني المختلفة.
الاستعارة المكنية
هذا النوع من الاستعارة يتم فيها حذف المشبه به ولكن يرمز له بشيء من لوازمه، ومثال على ذلك قول الله تعالى ( واشتعل الرأس شيبًا)،
فقد شبه الرأس بالوقود، وبعدها تم حذف المشبه به واستعان برمز لشيء من لوازمه أي كلمة اشتعل، على سبيل الاستعارة المكنية.
نجدها أيضًا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما انه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
( بني الإسلام على خمٍس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).
نجد هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الإسلام بالبناء الذي يقوم على خمسة أركان، حيث ذكر المشبه ولم يذكر المشبه به، وقد ذكر لفظ مقترن به والذي تمثل في كلمة بني.
الاستعارة التمثيلية
- وهى عبارة عن تركيب استخدم في غير ما وضع له، أي تشبيه صورة بصورة، أو الإتيان بمثل في غير موضعه وذلك للاستفادة من المعنى في حالات مشابهة للمضمون، وذلك لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من المعنى الحقيقي.
- ومثال على ذلك قول المتنبي( ومن يك ذا فٍم مر مريٍض يجد مرًا به الماء الزلالا) .
- فنجد أن المعنى الأصلي للبيت، هو أن المريض الذي قد يعاني من وجود مرارة بفمه في حال شرب ماًء عذبًا فسيجده مرًا.
- ولكن لم يستخدمه في ذلك المعنى، ولكن استخدمه في الذين يعييون شعره بسبب وجود عيب في الذوق الشعري لديهم، وأيضًا ضعف في الإدراك الأدبي عندهم، ويعد هذا التركيب مجاز علاقته المشابهة.
- بينما القرينة فنجدها حالية أي تشابه حالين هما حال المعنى في بيت الشعر، وحال من لم يكن لديه ذوق حتى يفهم الشعر.
- ونجد أن المشبه هنا هو حال المولعين بذم المتنبي، بينما المشبه به هو حال المريض الذي وجد الماء الزلالا مر.
مثال على الاستعارة من القرآن الكريم
نجد ان بعض الآيات الكريمة في كتاب الله عز وجل تتضمن استعارة، ومثال على ذلك ما يلي:
في سورة الرحمن
يستخدم الله تعالى الاستعارة لوصف السماء، حيث يقول: “وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا”
ويعني ذلك أن الله تعالى خلق سبع طبقات في السماء، وجعل في الطبقة الأولى السراج (الشمس) والهاج (القمر) في الطبقة الثانية، وهكذا.
في سورة البقرة
يستخدم الله تعالى الاستعارة لوصف المنافقين، حيث يقول:”إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا”
ويعني ذلك أن المنافقين في أسفل النار، وأنه لا يوجد لهم نجاة أو مخرج.
وهذه هي بعض الأمثلة على الاستعارة في القرآن الكريم، وتظهر كيف يتم استخدام اللغة بشكل متقن وجذاب للتعبير عن المفاهيم المختلفة.
اقرأ أيضا: ادوات التشبيه باللغة العربية وأهميتها
مثال على الاستعارة في الشعر
تضمنت بعض أبيات الشعر لمجموعة من الشعراء استعارة، ومثال على ذلك البيت التالي للمتنبي
وأقبل يمشي في البساط فما درى إلى البحر يسعى أم إلى البدر يرتقي
نجد هنا أن المتنبي شبه الأمير سيف الدولة الحمداني في البيت نفسه بالبحر والبدر.
كما قال أحد الشعراء أيضًا في البيت التالي:
إذا رأيت نيوب الليث بارزًة فلا تظنن أن الليث يبتسم
هنا نجد أن الاستعارة التي استخدمت هى استعارة تمثيلية، بمعنى أن الشاعر شبه حالة المخدوع في عدوه بحال الفريسة التي تعتقد أن بيان وانكشاف أنياب الأسد، دلالة على أنه يبتسم.