عقد الزواج وما هي أركان عقد الزواج بالتفصيل
تعرف على أركان الزواج وعلى ما هو معنى عقد الزواج وما هي أركان عقد الزواج بالتفصيل عبر موقع محيط، حيث إن الزواج في حقيقة الأمر هو الخطوة الأولى نحو القيام بتأسيس الأُسرة، وهو يعتبر القاعدة الأولى والوحيدة لتشكيل وتكوين المجتمعات البشرية، وبالطبع إذا تمت تلك الخطوة الأولى وبُنيت هذه القاعدة الأساسية على أُسسٍ صحيحة؛ فإنه سينعم المجتمع بالكامل بالإستقرار الإجتماعي وغيره من الفوائد العظيمة، وفيما يلي سنتعرف على ما هو معنى عقد الزواج وما هي أركانه في الدين الإسلامي.
ما هو الزواج
لقد قام القرآن الكريم بوصف عقد الزّواج بكلمة قوية وواضحة جدا، حيث وصفه بالميثاق الغليظ، وذلك في ما ورد في سورة الروم، حيث قال تعالى:
(وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
وذلك الأمر يعني الكثير، وكيف لا وقد جعل الله عز وجل في الزواج الإطمئنان والسّكينة والمودة والرحمة والمحبّة والأمان والاستقرار.
وعلاوةً على كل ذلك، فقد إفتتح الله جل جلاله وتقدست أسماؤه الحديث عن الزّواج في الآية السابقة، بقوله:
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً)
وهو في الحقيقة تشبيهٌ بليغٌ جداً؛ حيث وصف الله سبحانه وتعالى طبيعة العلاقة المتواجدة بين الرّجل والمرأة على أنّهما روحٍ واحدةٍ في جسدين مختلفين.
وهو الأمر الذي يجعل الرّابطة الزوجيّة رابطة مُقدّسة جداً، ولا يوجد مثلها أيّة رابطةٍ أخرى بين أيّ إثنين على وجه الأرض.
ويجب العلم أن عقد الزّواج مثله مثل غيره من العقودِ الأخرى، فهو يحوي شروطاً وأركاناً وآداباً، ويتخلّل هذا العقد كل من الصحة والفساد والبطلان.
ما هو معنى عقد الزواج
تعرف الزّواج لغةً: تأتي كلمة الزواج من زوَّج الشّيء، ومن زوّجه إليه، بمعنى ربَطهُ به، وهو يأتي بمعنى الإرتباط والإقتران، ويُطلَق على كلّ فرد من الزّوجين إسم زوجٍ، وذلك إذا تم إرتباطهما بعقد نكاحٍ.
أمّا عقد الزّواج: فهو عبارة عن عقدٌ يتَضَمَّن في محتواه على إِبَاحَة الوَطْء بِلَفْظ تَزْوِيجٍ أو إنكاح أَو بترجمته.
لا تفوت فرصة التعرف على: أجمل كلام عن الزواج وعبارات جميلة جدا
ما هي أركان عقد الزواج
لقد حرصت الشّريعة الإسلاميّة بشكل كبير جداً على أن تكون كافة العقود فيها مرعيّةً بشتّى الطرق والوسائل الّتي تضمن ديمومتها وإستمرارها.
فكيف إن كان الأمر يتعلّق بعقدٍ يقع على الأبضاع ويختص بها، وهي الّتي تعتبر أخطر ما يمكن أن يرِد فيه عقدٌ، حيث قال الفقهاء والعلماء في القاعدة الفقهيّة الشهيرة التي تخص هذا الأمر:
“إنّ الأصل في الأبضاع التّحريمُ، وبناءً على ذلك الأمر فقد أوجد الشّارع لكلّ عقدٍ من العقود مجموعةً محددة من الأركان التي لا ينعقد العقد ولا يتمّ إلّا إذا تمّت صحيحةً“.
وتتبع هذه الأركان بعض الشّروط والأمور الأخرى التي في العادة تكون أقلَّ أهميّةً منها، هذا وقد إختلف الفقهاء في أركان عقد الزّواج وإنقسموا إلى قسمين: أوّلهما أنّ عقد الزّواج له ركن واحد فقط، وكان ذلك رأي الحنفيّة.
أمّا القسم الثاني كان يقول بأن عقد الزّواج له خمسةُ أركانٍ، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى ذلك القول، وفيما يلي بيان مفصل لذلك:
صِيغَة العقد
تعد صِيغَة العقد هي الرُّكنُ الوحيد المُتَّفَقُ عليه بين فقهاء المذاهب الأربعة، وهم: الشافعيِّ وأبي حنيفة ومالكٍ وأحمد بن حنبل، وهو الرُّكن الوحيد عند مذهب الحنفيّة؛ إذ أن دونَ صّيغة العقد لا ينعقد عقد الزّواج ولا يتمّ.
هذا وتنقسم الصّيغة في عقد الزّواج كما هو الحال في أيّ عقدٍ آخر إلى إيجابٍ وقبول، ويكون الإيجاب في عقد الزواج هو ما يأتي ويصدر من العاقد الأوّل.
أما بالنسبة إلى القَبول فيكون كل ما يصدر من العاقد الثّاني، ويُشترَط للقيام بتحقّق الإيجاب والقبول أن يصدرَ كلا منهما بلفظٍ يُعبّر فيه الشخص العاقد عن رغبته الأساسية من العقد.
لا تفوت فرصة التعرف على: حكم عن الزواج – أقوال الحكماء عن الزواج
الصَّداق “المهر”
يعرف المهر في الشريعة الإسلامية بإسم الصّداق، وهو أحد أركان عقد الزّواج عند كل من الشافعية والمالكيّة والحنابلة، وقد إستدلّوا على ضرورة وجوده في أركان عقد الزواج من الكتاب والسُّنة النبوية والإجماع.
وبالنسبة إلى دليلهم من القرآن الكريم، فهو ما جاء في سورة النساء، حيث قال الله سبحانه وتعالى:
(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)
أما بالنسبة إلى دليلهم من السّنة النبوية الشريفة، فهو ما رواه الإمام البخاريّ في صحيحه عن الصحابي الجليل سهل بن سهد الساعدي (رضي الله عنه) أنّ رسول الله (صل الله عليه وسلَّم)، قال:
(التَمِسْ ولو خَاتَماً من حديدٍ)
حيث نبّه الحديث النبويّ الشّريف السابق بشكل صريح وواضح إلى أنّ المهر هو أحد أركان عقد الزّواج، وإن قلَّت قيمته، بالإضافة إلى قول رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه) أيضاً:
(لا نِكاحَ إلّا بِوَليّ وصَداق وشاهِدَيْ عَدلٍ)
وفي قول الرسول (صل الله عليه وسلم) (لا نكاح) دليل قوي على إنتفاء تمام عقد الزواج بِلا صداقٍ، ويجب العلم أن ذلك يكون للرُّكن ولا يكون للشّرط بأي حال من الأحوال.
وقد أجمع جميع الصّحابة والتابعين على ذلك الأمر، لذلك فإنه لا يَجوز التَّراضي بين الطرفين على القيام بإسقاط المهر من العقد.
العاقِدان
يجب العلم أن المقصود بكلمة العاقدين هما كلا من جرى بهما وعليهما عقد الزّواج؛ أي أنهما الزَّوج والزّوجة، إذ أن كلّ واحدٍ من الطرفين ركنٌ مُستقلٌّ بذاته، فلا يمكن أن ينعقد النّكاح بأحدهما دون الطرف الآخر.
هذا ويُشتَرَطُ في الزّوجة أن تكون خاليةً تماماً من كافة الموانع الشرعيّة للنّكاح، ومن هذه الموانع المتعددة أن تَكون المرأة مُتَزَوِّجَةً بزوج آخر، أو أن تكون مُطلّقةً من رجل غيره؛ ولا زالت في فترة عدّتها الشرعيّة.
أو أن تكون المرأة مُطلَّقة من نفس العاقد ثلاث طلقاتٍ، ولم تتزوّج برجل غيره، ثمّ يطلّقها أو يتوفاه الله سبحانه وتعالى قبل أن تنوي العقد بالزواج من زوجها الأول.
أو إن كانت المرأة مسلمةً ثمّ إرتدّت بعد إسلامها، أو إن كانت ليست من أهل الكتاب، كأن تكون وثَنِيَّةً أو مجوسيّةً أو أن تكون أَمَةً بمعنى عَبْدَةً، ويكون الرجل الذي يريد الواج منها حُرٌّ.
أو تَكونَ المرأة مَحْرَماً له، مثل أن تكون خالته أو عمّته أو أخته أو إبنة أخته أو غيرها من النساء المحرمات عليه.
أو أن يكون في ذمّة الرجل أربع زوجاتٍ غيرها، أو يَكون الرجل مُتَزوِّجاً بمن يحرُم عليه الجمع بين التي هي في ذمّته وبينَ التي يريد الزواج منها، أو تكون المرأة مُحْرِمَةً تريد أداء فريضة الحجّ أو العمرة.
لا تفوت فرصة التعرف على: دعاء الزواج من شخص معين مجرب
الشُّهود
لا يَنْعَقِدُ عقد الزّواج إلا بِحُضُور شاهدَين، ويجب أن يكون الشاهدين رَجُلَين تحديداً، كما يجب أن يكونا مُسلمَين، وقد وصلا إلى سنَّ البلوغ، بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون حُرَّيْن وعاقِلَين وعَدلَين وبَصيرَين وسامعَين.
فاهمَين ومدركين ما يجري أمامهما من العقد، هذا ويجب أن يكونا يُجيدان اللّغة التي ينطقها ويتحدث بها كلا من العاقدان.
وقد قيل أنه يصحّ أن يكون كلا من الشاهدان أعميين؛ وقيل عن أبي الحسن العباديّ رحمه الله إنَّه قد ذهب إلى جواز أن يَنْعَقِد عقد الزّواج بمن لا يَعْرِف ويفهم لِسان المُتَعاقِدين؛ لأنّه بذلك يَنْقُلُه إلى القاضي.
الوَلِيّ
لقد إختلف الفقهاء في كون الوليّ أحد أركان عقد النكاح أو لا، فذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه ركنٌ أساسي فيه، فلا يتمُّ إتمام عقد النِّكاح إِلَّا بولِيٍّ.
وذلك لما جاء في سورة البقرة، حيث قال الله سبحانه وتَعَالَى:
(فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ)
وقيل إنّ هذه الآية الشريفة بالتحديد قد نزلت فِي الصحابيّ الجليل معقل بن يسَار (رضي الله عنه)؛ حيث يروي الإمام البخاريّ في صحيحه عن الحسن البصريّ، قوله:
(أنّ أختَ مَعقِلِ بنِ يَسارٍ طلَّقَها زوجُها، فتَركها حتّى انقَضَتْ عِدَّتُها فخطَبها، فأبَى مَعقِلٌ، فنزَلَتْ: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّنَّ)
وَعَن عَائِشَة (رَضِي الله عَنْهَا) أَنّ النَّبِي الكريم (صل الله عليه وسلم)، قد قال:
(أَيّمَا امْرَأَة نَكَحَت بِغَيْر إِذن وَليّهَا، فنكاحها بَاطِلٌ ثَلَاثاً)
فَلَا يمكن قبول عبارَة الْمَرْأَة البكر فِي النِّكَاح أو الزواج سواءً في ذلك القبول أو الإيجاب، فَلَا يمكن أن تُزوِّج نَفسهَا بنفسها، وذلك حتّى إن قام الْوَلِيّ بالإذن لها أو لغَيرهَا، ولا يُقبَل القيام بتزويجُها من غير وليِّها بِوكالة أو ولَايَةٍ.
هذا ويُشار إلى أنّ الفُقهاء قد إتّفقوا فيما بينهم على الأركان الخمسة سالفة الذكر للتمكن من إتمام عقد الزَّواج، حتّى فقهاء الحنفيّة منهم، الذين قد ذهبوا إلى أنّ الركن الأساسي والوحيد لعقد النّكاح هو الصيغة.
حيث أنهم قالوا بإشتراطِ باقي أركان عقد الزواج، فلا يمكن أن ينعقد عقد الزّواج إلّا بِوُجود وإستيفاء تلك الشّروط، والخِلافُ بين كلا من الأركان والشروط خِلافٌ شَكليٌ بَحت.
بذلك نكون قد تعرفنا على ما هو الزواج وعلى معنى عقده، كما تعرفنا على ما هي أركان عقد الزواج بالتفصيل.