ما هو القرين وأهم معلومات وحقائق عنه وما هو تأثيره على الإنسان
تعرف على ما هو القرين وعلى أهم وأبرز معلومات وحقائق يجب معرفتها عن القرين وما هو تأثير القرين على الإنسان عبر موقع محيط، حيث أن القرين في الحقيقة هو الشّيء الّذي يقوم بملازمة الإنسان أينما كان، سواء كان ذلك في حلّه أو ترحاله، ويعرف بأن القرين معلق بالإنسان، وتكمن الوظيفة الحقيقيّة للقرين في القيام بالإيحاء إلى الإنسان لفعل المعاصي وإرتكاب الذنوب وتزيين الشهوات له حتى يضل عن سبيل الله عز وجل، كما يعدّ حديث النّفس أحد وظائف وأفعال القرين، فهو ما يوسوس للإنسان بالأفكار الشريرة والرغبة في فعل الأفعال المشينة، وفيما يلي سنتعرف على ما هو القرين وعلى أهم معلومات عنه بالتفصيل.
ما هو القرين
لقد زُرعت كلا من الشهوات والأهواء في نفوس الآدميين منذ خلق الخليقة، وقد حدث ذلك ليتمكن الإنسان من الحصول على ما ينفعه، وليدفع عن نفسه كل ما يضره بغضبه.
وقد رُزق البشر بالعقل ليتميزوا عن غيرهم بالقدرة على العدل بين الأمور والتمكن من الموازنة بينها، إلا أن الشيطان يقوم بتحريض الإنسان على الإسراف الشديد فيما يُبعد عن نفسه أو يقرّب.
والواجب على الإنسان العاقل أنْ يقوم بالحذر من الشيطان الرجيم الذي هو عدو له منذ زمن آدم عليه السلام، كما أنّ الله سبحنه وتعالى قد حذّر العباد منه، كما أمرهم بإجتنابه وعدم السماع لوساوسه.
وقد ورد ذلك في العديد من الآيات القرآنية الشريفة، ومن تلك الآيات الكريمة ما ورد في سورة البقرة، حيث قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)
ويجب العلم أن كل إنسان على قيد الحياة له قرين يأمره دائماً بالتقصير في جميع واجباته وطاعاته، بالإضافة إلى أنه يدفعه إلى فعل الضرر والشر.
والدليل على ذلك ما جاء عن النبي (صل الله عليه وسلم) في الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه)، حيث قال:
(ما منكُم من أحدٍ إلَّا وقد وُكِّلَ بهِ قرينُهُ منَ الجنِّ. قالوا: وإيَّاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: وإيَّايَ إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَني علَيهِ فأسلَمَ فلا يأمرُني إلَّا بخيرٍ. غيرَ أنَّ في حديثِ سفيانَ. وقد وُكِّلَ بهِ قرينُهُ منَ الجنِّ، وقرينُهُ منَ الملائكةِ)
حيث جاء في شرح هذا الحديث النبوي الشريف أنه “ما مِنكم مِن أحدٍ” بمعنى أنه مَهما بَلغَ منكم منَ العلم والعِبادةِ ما بَلغَ، “إلَّا وَقدْ وُكِّلَ به قَرينُه مِنَ الجِنِّ“، بمعنى يُوَكَّلُ به شَيطانٌ يُغويه بفتن الدنيا، بالإضافة إلى أنه يُسوِّلُ له ويُشَكِّكُه في الدِّينِ.
لذا فإن الواجب على كلّ مسلم الحذر الشديد من إغواء الشيطان الرجيم ووساوسه، حيث أن جميع الطرق التي يسلكها ويتخذها القرين تتمثّل في كيفية إيقاع العبد المسلم في معصية الله عز وجل، ثمّ يقوم بتقيده بها.
فيقوم بمنعه من فعل كل من الخير والسلوكيات الحسنة والبر والأفعال المحمودة، كأن يقوم بمنعه من الإمامة بالناس في الصلاة بالمسجد، وأن يمنعه من القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويكون ذلك بحجة المعصية التي كان قد إقترفها، إذ أن العبد ينسى بشكل دائم أنّ القيام بإجتناب المعاصي والذنوب هو في الحقيقة فرض عين عليه.
وأن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو فرض كفاية على جميع المسلمين، كما يجب على العبد المسلم أن يعلم أن القيام بالوقوع في المعاصي والذنوب لا يعدّ مبرراً أبداً لعدم إلتزامه بعمل جميع الواجبات المفروضة عليه.
وقد ورد في سورة النساء قول الله سبحانه وتعالى الذي جاء في مُحكَم تنزيله، حيث قال تعالى:
(وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا)
ومن الجدير بالذكر أن معنى كلمة القرين في اللُّغة هو الشيء الذي يُصاحبك ويقارنك بشكل دائم أي أنه يلازمُك على الدوام.
ومنه أيضاً قولهم: (قرنت الشيء بغيره)، بمعنى شددته وجذبته إليه، ومن هنا يمكننا أن نستنتج أنّه ما سُمّيَ القرين بهذا الإسم؛ إلا لأنّه يقوم بملازمة الإنسان ويكون مقرونًا به على الدوام.
لا تفوت فرصة التعرف على: ما هو قرين الإنسان..تعرف على أعراض المؤذى منه وعلاجه
ذكر القرين في القرآن الكريم
لقد ورد ذكر القرين في عدَّة مواضع في القرآن الكريم، ومن تلك المواضع قول الله جل وعلا في ما ورد في سورة الزخرف، حيث قال تعالى:
(وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)
حيث بينت الآية الكريمة السابقة أنَّ السبب وراء لزوم القرين للإنسان في الحياة الدنيا هو القيام بإبعاده عن طاعة وعبادة وذكر الله سبحانه وتعالى.
هذا وقد فسر الكثير من المفسِّرون هذه الآية الكريمة وقالوا أن الله سبحانه وتعالى يخبر في هذه الآية عن جميع مّن يتعامى عمّا قد جاءه من الذكر والعلم من عند الله عز وجل.
ويقوم بالإعراض والتغافل عن كتاب الله وهدي نبيه محمد (صلوات الله وسلامه عليه)، فيقيِّضُ له الله جل جلاله وتقدست أسماؤه؛ شيطاناً بسبب وقوعه في غفلته.
“فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ“، وقد قال المفسِّرون في تفسير هذه الكلمات الشريفة بأن الشيطان يكون مقترن به في كلا من الدنيا والآخرة؛ ليدخُلَ مع قرينه النَّار والعياذ بالله.
لا تفوت فرصة التعرف على: ما هو الفرق بين الجن والشيطان
حقائق ومعلومات عامة عن القرين
يُطلق لقب القرين على الشيطان الذي يكون موكّل بكلّ إنسان بهدف القيام بإغوائه وإضلاله في الحياة الدنيا، وهذا ما قد دلّت عليه الكثير من النصوص القرآنية الكريمة التي جاءت في القرآن الكريم.
بجانب ما قد ورد من الأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت في السنة النبوية المطهّرة، والتي دلت على دور القرين وماذا يستطيع أن يفعل.
حيث بيّنت هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أنّ عمل القرين ودوره الوحيد في هذه الحياة يتمثّل فقط في كلا من الإغواء والإضلال، ويكون ذلك بدون القيام بأي عمل حسي آخر.
هذا ويجب العلم أنّ إيمان العبد القوي له الدور الأساسي والكبير في التحكم بإغواء القرين، فإن كان إيمان العبد قوياً فإن إغواء قرينه يضعف بشكل كبير أمام ذلك، كما يجب العلم أنّ مهمة القرين الوحيدة تنتهي بإنتهاء حياة الإنسان وموته.
هذا وقد بيّن العلامة الكبير ابن عثيمين بعض الأمور والمعلومات التي تتعلق بالقرين، حيث أوضح بأنّ القرين هو عبارة عن الشيطان الذي يتسلط على الإنسان ويلازمه في حياته بإذنٍ من الله عز وجل.
ويتسلط هذا الشيطان على الإنسان ليأمره بفعل الفحشاء والمنكر، كما ينهاه عن فعل البر والخيرات، حيث جاء في سورة البقرة قول الله جل وعلا، حيث قال تعالى:
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّـهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
ومن الجدير بالذكر أنّ العبد المؤمن يستطيع إعجاز قرينه، ويكون ذلك من خلال التحلي بالقلب السليم الصادق المتجه إلى طريق الله سبحانه وتعالى.
طالباً بذلك الدار الآخرة، حيث أن من صفات العبد المؤمن أنه يكون مقدّماً الآخرة على الحياة الدنيا، مستعيذاً بالله عز وجل من الشيطان الرجيم، وملتجئاً إليه منه ومن جميع وساوسه ونزغه.
فقد جاء في سورة فصلت قول الله عز وجل، حيث قال تعالى:
(وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
لا تفوت فرصة التعرف على: اذكار تحصين النفس من الحسد ووساوس الشيطان
الإستعاذة من الشيطان الرجيم
لقد عزم الشيطان الرجيم على القيام بإغواء الإنسان، وهو ما قد جاء في القرآن الكريم في ما ورد في سورة الحجر، حيث قال الله سبحانه وتعالى:
(قالَ رَبِّ بِما أَغوَيتَني لَأُزَيِّنَنَّ لَهُم فِي الأَرضِ وَلَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ * إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصينَ)
هذا وقد أمرت الشريعة الإسلامية جميع المسلمين بالإستعاذة من الشيطان الرجيم والحذر الشديد منه، حيث جاء الأمر بذلك في الكثير من الآيات القرآنية الكريمة
والأحاديث النبوية الشريفة الواردة عن الرسول الأمين (عليه أفضل الصلاة والسلام)، بالإضافة إلى أقوال أهل العلم.
وقد قال الإمام الكبير ابن القيم في بيان المعنى اللغوي المقصود بالاستعاذة، ما يلي ذكره:
(يجب العلم أن كلمة عاذ وما تصرف منها يدل في الحقيقة على التحصّن والتحرّز والنجاة، وأصل معناها هو الهروب السريع من شيء تخافه بشدة واللجوء إلى من يعصمك منه، ولهذا يطلق على المستعاذ به معاذاً، كما يسمى أيضاً بالملجأ والوزر)
فقد بين المعنى اللغوي للمقصود من كلمة الإستعاذة للإمام ابن القيم أن الإستعاذة هي القيام بالإلتجاء والإعتصام بالله عز وجل فقط دونا عن غيره؛ من الشيطان الرجيم.
وقد قال إبن كثير رحمه الله في بيان المقصود من كلمة الشيطان، ما يلي ذكره:
(كلمة الشيطان في لغة العرب مشتقة من فعل شطن إذا بعد، أي أنه بعيد كل البعد بطبعه عن طباع وصفات البشر، كما أنه بعيد بفسقه عن فعل الخير، وقيل أن كلمة الشيطان مشتقة من فعل شاط لأنه في الأصل مخلوق من نار، ويقول البعض أن كلا الرأيين صحيح في المعنى، ولكن الرأي الأول أصح، وعليه يدل معظم كلام العرب)
ويُطلق لفظ ولقب الرجيم على الشيطان، وذلك للدلالة على أنّه مستحق للعنة وغضب الله سبحانه وتعالى ومطرود من رحمته.
هذا وقد ذكر إبن القيم أيضاً فائدة الإستعاذة من الشيطان الرجيم في بيانه الذي صرح فيه، بما يلي:
(إن القيام بالإستعاذة بالله عز وجل من الشيطان الرجيم ترجع في الأصل إلى معنى الكلام الذي قبلها، مع ضرورة تضمنها للفائدة الشريفة التي تتمثل في كمال التوحيد.
وأن الشيء الذي يستعيذ به الإنسان (العائذ) ويهرب منه بسبب خوفه الشديد، إنما هو فعل الله سبحانه وتعالى ومشيئته في الأرض وقدره، فهو الوحيد المنفرد بالحكم.
فإذا أراد الله عز وجل بعبده سوءاً لم يعذه منه إلا هو القادر المقتدر، فهو الذي يريد به كل ما يسوؤه وهو أيضاً الذي يريد دفعه عنه والقادر على ذلك).
ومن أهم المواضع التي يُشرع فيها قول الإستعاذة من الشيطان الرجيم، ما يلي ذكره:
- قبل البدء بتلاوة آيات القرآن الكريم.
- عند الدخول إلى بيت الخلاء.
- قبل القيام بقراءة سورة الفاتحة أثناء أداء الصلاة.
- عند الشعور بالأرق والفزع.
- عند القيام بدخول المسجد.
- عند سماع نهيق الحمار أو نباح الكلب.
- عند سماع الرقية الشرعية.
- عند شدة الغضب والإنفعال.
لا تفوت فرصة التعرف على: دعاء تحصين النفس من الجن – آيات الحفظ والتحصين من القرآن الكريم
ما هو تأثير القرين على الإنسان
لقد قال الدكتور الكبير علي جمعة، وهو مفتي الجمهورية السابق، إن القرآن الكريم قد قام بوصف القرين بأنه وسواس خناس، وأخبرنا بأن كيده ضعيف وأنه لا يستطيع أن يؤذى الإنسان المؤمن.
كما أوضح لنا الدكتور علي جمعة أن دور الشيطان في الحياة الدنيا هو القيام بتزيين الشهوات لإبن آدم، مستشهدًا في ذلك بقول الله عز وجل في ما جاء في سورة النساء، حيث قال تعالى:
(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)
وبما قد جاء في سورة الناس، حيث قال الله عز وجل:
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)
كما أوضح المفتي السابق، أن كلمة يخنس تعني يهرب عند الإستعاذة منه عن طريق الإستغفار وقول لا إله إلا الله، منبهًا في بيانه على أن ذكر الله سبحانه وتعالى يصيب الشيطان بصداع فتاك.
بذلك نكون قد تعرفنا على ما هو القرين وعلى بعض المواضع القرآنية التي ذكر فيها القرين، كما تعرفنا على بعض الحقائق والمعلومات العامة عن القرين،
بالإضافة إلى أننا قد تعرفنا على أهمية الإستعاذة من الشيطان الرجيم وعلى ما هو تأثير القرين على الإنسان بالتفصيل.