حكم الاحتفال بالمولد النبوي
حكم الاحتفال بالمولد النبوي من أكثر ما يسأل عليه عدد كبير من المسلمين حيث ظل الجدل مستمر فيه وتعددت الأحكام والآراء واختلفت حول الحكم في هذا الموضوع فالبعض يعتبره بدعة لا أصل لها والبعض الآخر يؤكد جواز الاحتفال به وكل رأي لديه أدلة وإثباتات وَللتعرف على جميع الآراء والأحكام تابع المقال.
هل حكم الاحتفال بالمولد النبوي بدعة
اختلفت الآراء حول تحديد حكم الاحتفال بالمولد النبوي من كونه بدعة أم لا ونعرض لكم بعض الآراء فيما يلي:
يرى وكيل اللجنة الدينية أسامة الأزهري أن القول المتعلق بالاحتفال بمولد النبي بدعة خطأ وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحتفل بيوم مولده حيث كان يصوم يوم الإثنين أسبوعيا.
يقول الداعي على الجفري أن من يسأل عن جواز الاحتفال بمولد النبي يعتبر سؤاله غريب ولأن النبي كان يحتفل كل أسبوع بمولده أي كل يوم إثنين.
يرى البعض أنها بدعة وليس له أصل في الدين منكرة وليست حسنة ولا يوجد شيء في الدين اسمه بدعة حسنة حيث كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم أثناء خطبته
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.
يقول بعض العلماء أن يوم مولد النبي ليس معروف بشكل دقيق أو بالتحديد فهل يجوز الاحتفال بيوم غير معلوم لذلك تعتبر بدعة منكرة ومستحدثة.
يقول عبد العزيز بن باز لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي ولا بأي مولد آخر لأنه من البدع الجديدة والمستحدثة على الدين الإسلامي.
دليل قول عبد العزيز بن باز أن الرسول قال “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة “.
رأي الأزهر في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أنه ليس بدعة ويعتبر الاحتفال عنوان ورمز لمحبته النبي عليه الصلاة والسلام والتي تعتبر ركن ثابت للإيمان ولا يصح الإيمان إلا بتفوق القلب بمحبة النبي وجائز الاحتفال به.
شاهد أيضًا: ما هو حكم العقيقة وشروطها في الإسلام
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الأربعة
نوضح فيما يلي رأي الأئمة الأربعة الشافعي والمالكي والحنبلي والحنفي في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
لم يحتفل أي من الصحابة والتابعين وكذلك الخلفاء الراشدين ولا أئمة الفقه الأربعة بالمولد النبوي الشريف.
بداية الاحتفال بالمولد النبوي جاءت في القرن الرابع الهجري وبالتحديد في أواخره عندما قام العبيديون بِاستحداثه كما استحدثوا يوم عاشوراء بجميع مظاهره الموجودة فيه من لطم الخدود والضرب على الصدور وذلك لإظهار حزنهم على مقتل الإمام الحسين.
العبيديين هم من ابتدعوا واستحدثوا الاحتفال بالمولد النبوي كما ابتدعوا احتفالات كثيرة وصل عددها إلى حوالي ٢٧ احتفال مثل مولد فاطمة الزهراء ولكن جميعها انتهت مع سقوط دولتهم.
جاء الصوفيون وقاموا بالاحتفال بالمولد النبوي الكريم واستحسنوه لِم يتم فيه من ذكر صفات النبي عليه السلام الحسنة وتوضيح سيرته العطرة.
طبقًا لِم تم ذكره سابقًا أن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عند المذاهب الأربعة يعتبر بدعة لم يرد بها أي نص في القرآن الكريم أو السُنة النبوية العطرة.
يروا أيضًا أن الاحتفال يتشابه مع احتفال النصارى بمولد السيد المسيح عليه وعلى نبينا السلام وأن التشبه بذلك حرام في الإسلام.
يقولوا كذلك أن الاحتفال يُعد من مظاهر المبالغة في عملية التعظيم والتشريف للرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك الغلو في الدين وهذا يصل بصاحبه إلى الشرك والعياذ بالله.
تعرف على: ما هو حكم تحية الاسلام
حكم الاحتفال بالمولد النبوي ابن عثيمين
الله سبحانه وتعالى أرسل الرسول عليه السلام لهداية البشرية لذلك نقدم لكم رأى ابن عثيمين في الاحتفال بمولد هادي الإنسانية فيما يلي:
يوضح ابن عثيمين أن حكم الاحتفال بالمولد النبوي يحق علينا حتى نقوم من خلاله بِتعظيم وتكريم النبي خير الأنام ولكن مع ذلك لا يجوز الاحتفال نهائيًا بالمولد النبوي وأنه ليس لديه أي صحة وأنه بدعة.
يرى ذلك أن الاحتفال ليس من العبادات المفروضة أو المشروعة ولم تذكر في القرآن الكريم أو السُنة ودليل ذلك أن النبي وأصحابه لم يقوموا بالاحتفال به أبدًا.
يقول ابن عثيمين أن الاحتفال بالمولد ضلالة وبدعة وأنه من المستحدثات التي جاءت على الإسلام ولم يكن له أي وجود في حياة النبي عليه الصلاة والسلام.
يؤكد ابن عثيمين كذلك أن الصحابة هم أكثر قربًا من الرسول سلام الله عليه وهم أعلم بكل ما يفضله ويحبه وكذلك بما ينفر منه ويكرهه فإذا كان الاحتفال محبب إليه أو عبادة من العبادات لَتم إدراجها داخل الشريعة الإسلامية.
نهى ابن عثيمين عن الاحتفال والكف عنه لأنه يعتبر غلو في الدين وبدعة مستحدثة ودليل ذلك قول النبي حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” إيَّاكُم ومحدَثاتِ الأمورِ فإنَّ شرَّ الأمورِ محدثاتُها وإنَّ كلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ وإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.
وضح أيضًا يجوز أن نحتفل بذكرى المولد النبوي الشريف عن طريق اتباع سنته والعمل بما أمرنا به والبعد عما نهانا عنه.
ننصحك بقراءة: حكم بيع القطط وسبب تحريم بيع القطط
حكم الاحتفال بالمولد النبوي دار الإفتاء
يعد الاحتفال بالمولد النبوي من أعظم وأفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ونوضح حكم دار الإفتاء في المولد النبوي في النقاط التالية:
إذا كان الاحتفال بالمولد النبوي الغرض منه والمقصد هو الفرح والسرور بمولد خير البشرية لا يعتبر بدعة حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم
” لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ» وبذلك هو شرع لنا شكر الله على مولده الكريم.
ترى دار الإفتاء أنه لا يصح القول بأن الاحتفال بالمولد بدعة لأن البدعة هي المخالفة للقرآن الكريم والسُنة والإجماع والاحتفال بالمولد غير مخالف في شيء.
يصبح الاحتفال مندوبًا إليه وَمستحب إذا كان المقصد منه إدخال الفرحة والبهجة والسرور على آل البيت ويكون أشد من ناحية المشروعية إذا كان المقصد منه الفرحة وذلك لأن أحكام المقاصد تتضمن كذلك الوسائل.
القول الذي يؤكد عدم احتفال الصحابة بالمولد النبوي ليس صحيح ودليل ذلك فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه،
فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه أحمد والترمذي.
يرى أمام القراءات ابن الجزري أن أبي لهب عندما فرح بخبر مولد النبي قوم بعتق جاريته ثويبة لأنها هي الذي بشرته بمولد النبي عليه السلام وخفف الله عنه سبحانه وتعالى العقاب فما بالك بالمسلم الذي يحتفل فرحًا وحبًا بالرسول عليه الصلاة والسلام.
الجدير بالذكر أن دار الإفتاء أجازت الاحتفال بالمولد النبوي لأن ذلك يعتبر تعبيرًا عن الفرحة والتقرب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام.
لا يفوتك معرفة: حكم عن بر الوالدين تعين على طاعتهم من القرآن والسنة
حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذهب المالكي
كان رأي المذهب المالكي واضح وصريح في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وَنوضح رأيه في الآتي:
يرى المحققين المالكين أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة منكرة وإن من يستحسنها يكون ذلك من قِبل اتباع أهوائه وإرضاء للناس عامة ومخالفة لأوامر الله سبحانه وتعالى وكذلك غلو في الدين.
قال العالم المالكي المحقق أبو إسحاق الشاطبي أن الاحتفال بالمولد النبوي على الطريقة المعهودة والمنتشرة بين الناس يُعد بدعة مستحدثة وكل بدعة ضلالة والتوصية أو الإنفاق على البدعة لا يجوز وغير نافذة.
يرى العالم المصري محمد عليش المالكي أن الاحتفال بالمولد ليس مندوب وخاصًة إذا كان يتضمن مكروه أو محرم مثل قراءة القرآن بالغناء والتلحين.
الشيخ محمد رشيد رضا يقول إن الاحتفال بدعة بلا شك أو نزاع وأن الملوك الشراكسة هم من قاموا بِابتداعها حيث كانوا يجتمعون لقراءة القصة الخاصة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الشيخ تاج الدين عمر بن على المالكي الذي يلقب بـ الفكهاني أن هذا المولد لا أعلم له أي أصل في كتاب الله وسنة نبيه ولا تم القيام به من أي علماء الأمة.
يؤكد تاج الدين أن الصحابة اتفقوا على أن الهجرة رمز من رموز الانتصار ولكن لم يؤرخوا المولد النبوي أو وفاة النبي عليه السلام.
يرى أيضًا أنه لم يجد أي دليل سواء كان في قرآن أو سُنة أو استدلال أو إجماع أو قياس ما يؤكد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
قد يهمك أيضًا: حكم عن الصدق كي يبقى الحق شامخًا رغم أنف الكاذبين
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الجزائر
يعطي الجزائريين أهمية كبيرة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف لذلك تتعدد مظاهر الاحتفال به ومنها ما يلي:
يتم تزيين جميع المساجد في الجزائر والقيام بإعداد حلقات يتم من خلالها توضيح السيرة النبوية العطرة للحاضرين.
تقوم بعض العائلات بتنظيف المنازل في شهر ربيع الأول وشراء الكثير من الأغراض المنزلية وذلك للتبرك بالشهر الكريم.
يتم إقامة جلسات في محافظة مستغانم الجزائرية يوجد فيها كلًا من الجيران والأهل ويتم فيها تقديم الحلويات الجزائرية التقليدية مع إلقاء القصائد الشعرية التي يُمدح فيها الرسول عليه الصلاة والسلام.
تستمر تلك الجلسات خلال أول أيام شهر ربيع الأول كل ليلة حتى الثلث الأخير منه.
تجتمع العديد من العائلات على مائدة كبيرة بها شموع وذلك في ليلة المولد ويقوم الأطفال في هذه الليلة بترديد القصائد وخاصًة قصيدة طلع البدر علينا مع قيامهم بوضع الحناء على أيديهم.
في ختام هذا المقال تحدثنا عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي وهل الاحتفال به بدعة أم لا؟ وكذلك عرضنا حكم الأئمة الأربعة في هذا الموضوع والحكم المتعلق بدار الإفتاء بالإضافة إلى رأى ابن عثيمين والمالكي وبعض مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في الجزائر.