سيرة الإمام البخاري | قصة كتابه الشهير صحيح البخاري 2025
تعرف على سيرة الإمام البخاري وقصة كتابه الشهير صحيح البخاري عبر موقع محيط، حيث يعتبر الإمام البخاري أحد أبرز علماء الحديث في التاريخ الإسلامي بالكامل، بل يعد أفضل العلماء على الإطلاق، حيث أنه تمكن من جمع الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة في كتاب واحد، وأصبح هذا الكتاب واحد من أكبر مصادر الأثر النبوي والسنة المحمدية في التاريخ، وأطلق على ذلك الكتاب عنوان بإسم (صحيح البخاري)، وفيما يلي سنتعرف على سيرة الكاتب وقصة الكتاب.
من هو الإمام البخاري
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزبَه الجعفي البخاري، ولد في قرية بخارى عام 194 هجرية (الموافق 810م)، ونشأ يتيم الأب وقامت والدته بتربيته تربية إسلامية صحيحة.
حيث أنها أحسنت تربيته وأنشأت بداخله حب الدين والرغبة في التعلم والتعمق أكثر في تعاليم ديننا الحنيف، فكان لها دور كبير في تأسيس شخصيته وإهتمامه بالتعلم منذ الصغر.
وقد عانى في صغره بمرض في عينيه كاد أن يفقده بصره، ولكنه سرعان ما تعالج منه وإكتسب عافيته مرة أخرى، وكان يتمتع ببعض الصفات التي ساعدته في جمع الأحاديث النبوية بكل سهولة ويسر.
فكانت تتمثل تلك الصفات في الذاكرة القوية وسرعة الفهم والذكاء الشديد والنجابة وسرعة الحفظ، كما أنه أتم حفظ القرآن الكريم كاملا في صغره.
وقد تعلم العلوم الأساسية في الدين في سن صغير جدا، وتمكن من حفظ آلاف الأحاديث النبوية الشريفة وهو لا يزال غلاما، وقد ساعدته نشأته في بخارى على التمكن من تحصيل كل هذا العلم.
حيث كانت بخارى تعد في ذلك العصر أحد أكبر مراكز العلم، مما سمح للإمام البخاري أن يذهب إلى حلقات العلم ويستمع إلى رجال الدين منذ الصغر.
وفي إحدى المجالس الدينية التي حضرها الإمام البخاري وهو صغير، مجلس لأبي حفص الكبير الذي يطلق عليه إسم (شيخ ما وراء النهر)، وبينما كان هذا الشيخ يشرح أحد الأحاديث في هذا المجلس، قام بتصحيحه الإمام البخاري ثلاث مرات.
حتى إنتبه الشيخ الكبير إلى علمه، فسأل عنه وأخبره الناس بأنه ابن إسماعيل بن إبراهيم بن بَرْدِذبه، فقال لهم “احفظوه، فإن هذا يصير يومًا رجلًا“.
وقد أخبر الإمام البخاري أنه قد أُلهم حفظ الأحاديث النبوية الشريفة وعمره أقل من عشر سنوات، وكان قد خلف أباه ميراثا طيبا إستعان به الإمام البخاري في صغره للإشتغال بالعلم والسفر بين البلاد لتلقي العلم وجمع الأحاديث الصحيحة.
وقد تتلمذ في صغره على يد (عبدالله بن محمد المسندي) و(محمد بن سلام البِيكَندي)، وهم أكبر شيوخ قرية بخارى حينها، ثم ذهب إلى الحج مع أسرته ولم يعد معهم، فمكث في مكة ستة أعوام لتلقي العلم من شيوخها.
لا تفوت فرصة التعرف على: تعريف الحديث الشريف | 6 شروط لقبول الحديث الشريف
سفره إلى الحج صغيرا
كان في السادسة عشر من عمره حين سافر مع أمه وأخيه أحمد إلى مكة المكرمة بغرض الحج، وكانت تلك هي نقطة الإنطلاق لمسيرته العلمية، فقد تعرف على مشايخ أكثر وتلقي العلم بشكل أكبر.
فظل يجمع الأحاديث النبوية الشريفة في مكة المكرمة من مصادر موثوقة ومؤكدة لمدة ست سنوات، ثم سافر بعدها إلى العديد من البلدان لجمع الأحاديث وتلقي العلم.
فقد سافر إلى بغداد والكوفة ودمشق ومصر وخراسان وغيرهم الكثير من البلاد الإسلامية، وكان يستقبله أهل العلم في كل تلك البلاد بحسن إستقبال ومحبة قد وضعها الله عز وجل بداخلهم له.
وكان يعرف عنه إنه يحفظ الأحاديث النبوية بدون تعب أو ملل ويرغب في تلقي المزيد من العلم بإستمرار، وقد روي عنه أنه لا يقوم بكتابة الحديث في كتابه إلا بعد أن يكون قد توضأ وقام بصلاة ركعتين لوجه الله.
لا تفوت فرصة التعرف على: ابن ماجه ذلك البارع في علم الحديث هل تعرف حكايته؟!
لماذا وضع البخاري صحيحه؟
رغم كثرة كتب الأحاديث النبوية التي كانت تتواجد في القرن الثاني من الهجرة، إلا أنها كانت لا تعتني بتصحيح كافة الروايات، فكانت تضم الأحاديث الضعيفة والمعلولة مع الأحاديث الصحيحة.
وفي النصف الأول من القرن الثالث من الهجرة أصبح من الصعب على غير الأئمة التفريق بين الحديث الصحيح والحديث الضعيف، وذلك لكثرة الرواة وتشعب الطرق وإستطالة السند للحديث الواحد.
فأصبحت هناك حاجة شديدة لتجميع كافة الأحاديث الصحيحة في كتاب واحد مع مراعاة أن يكون مختصرا للناس، وقد أعلن عن هذا الإقتراح شيخ الإمام البخاري (الإمام إسحاق بن راهويه).
فقد قال لتلاميذه في أحد مجالسه “لو جعلتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله“، فرغب البخاري في ذلك بشدة، وقد تزامن ذلك مع رؤيته للنبي (صل الله عليه وسلم) في منامه وهو واقف بين يديه، وبيده مروحة يذبٌّ بها عنه.
وقد إستعان ببعض مفسرين الأحلام لتفسير رؤيته، فقالوا “أنتَ تذب عنه الكذب“، وكان هذا الموقف هو ما جعل البخاري يجعل من تنقيح سنة النبي (صل الله عليه وسلم) مهمته الموعودة.
كما أنه كان يرغب في التصدي لكافة البدع والأباطيل التي إنتشرت في عصره، مثل التصوف المغالى والإرجاء والتجهم والإعتزال.
فأخذ على نفسه عهد أن يضع كتابا يرد على كل تلك التوجهات، وأن يظهر ويوضح مذهب أهل السنة والجماعة على حقيقته وذلك وفقا لأصح روايات الأحاديث المسندة إلى النبي (صل الله عليه وسلم) وأصحابه المكرمين.
لا تفوت فرصة التعرف على: احاديث اخر الزمان | ووصايا الرسول الكريم
قصة تأليف كتاب صحيح البخاري
إستغرقت رحلة البخاري لتلقي العلم وتجميع الأحاديث ستة عشر عاما، تنقل فيهم بين أرجاء العالم الإسلامي للإستماع إلى علماء الدين، لينقل عنهم ما قد حفظوه من سيرة النبي وأحاديثه.
وكان كتابه (صحيح البخاري) أول كتاب يصنف في الحديث الصحيح المجرد، وهو دليل عظيم على تفاني الإمام البخاري وشدة همته وإخلاصه في تجميع الأحاديث الصحيحة.
وقد بذل الكثير من الجهد ليقوم بإخراج الكتاب، فقد عمل جاهدا في مراجعة وتنقيح الأحاديث والإستقصاء وراء سندها، حتى خرج للناس بصورته النهائية ليضم سبعة آلاف ومئتين وخمسة وسبعون حديثا قام بإختيارها البخاري من ضمن ستمائة ألف حديث.
حيث إتبع منهج صارم في كتابة كتابه (صحيح البخاري) وإعتمد في ذلك على تطبيق بعض الشروط لقبول الحديث ورواية الراوي، فكان لابد للراوي أن يكون معاصرا لمن يروي عنه، وأن يكون قد إستمع إلى الحديث منه مباشرة.
كما قام بإستخدام الإسناد المعنعن (فلان عن فلان)، وذلك في كثير من الحالات لتوضيح السند وتحري الدقة في الوصول إلى صحة الحديث.
بالإضافة إلى وجود بعض الصفات الهامة التي يجب توافرها في شخصية الراوي كالعدالة والورع والأمانة والثقة والإتقان، وكان يهتم في جمع الأحاديث بقبول الرواية بالمعنى أكثر من الرواية باللفظ.
وكانت تلك الشروط هي أحد أكبر الأسباب لنجاح الكتاب وتلقيه الإستحسان والإهتمام من كافة علماء الدين في عصره.
فقد أشاد الإمام أحمد بن حنبل بكتاب (صحيح البخاري)، وقام الكثير من علماء الدين بشرح أحاديث الكتاب ودراسته ليصبح أحد أهم المصادر المركزية في الحديث الشريف، كما قام العديد من العلماء بتأليف عشرات الكتب حول كتاب (صحيح البخاري).
وقد فرغ من كتابة كتابه عام 232هـ، وقد جمع فيه علوم الإسلام فكان (جامعا)، ووضع به الأحاديث والمرويات الصحيحة فقط فكان (صحيحا)، وإشترط على نفسه أن تكون تلك الأحاديث مسندة فأصبح (مسندا)، ولم يضع كل الأحاديث الصحيحة فكان (مختصرا).
لذا حمل كتابه إسم (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسننه وأيامه)، المختصر بإسم (صحيح البخاري).
وقد توفى الإمام البخاري في 256هـ (الموافق 869م) بأحد قرى سمرقند، وذلك بعد أن إشتد عليه المرض بعد أن قام حاكم بخارى بطرده منها لرفضه أن يقوم بتعليم أبنائه دون العامة، وحينها قال له جملته الشهيرة “أنا لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب الناس“.